responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 315
وَأَمَّا قَوْلُهُ: تُوعِدُونَ فَمَحَلُّهُ وَمَحَلُّ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ وَالتَّقْدِيرُ: وَلَا تَقْعُدُوا مُوعِدِينَ وَلَا صَادِّينَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَبْغُوا عِوَجًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ نَهَاهُمْ عَنِ الْقُعُودِ عَلَى صِرَاطِ اللَّهِ حَالَ الِاشْتِغَالِ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا عَطَفَ بَعْضَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْبَعْضِ وَجَبَ حُصُولُ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَهَا فَقَوْلُهُ: تُوعِدُونَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ إِنْزَالُ الْمَضَارِّ بِهِمْ وَأَمَّا الصَّدُّ فَقَدْ يَكُونُ بِالْإِيعَادِ بِالْمَضَارِّ وَقَدْ يَكُونُ بِالْوَعْدِ بِالْمَنَافِعِ بِمَا لَوْ تَرَكَهُ وَقَدْ يَكُونُ بِأَنْ لَا يُمَكِّنَهُ مِنَ الذَّهَابِ إِلَى الرَّسُولِ لِيَسْمَعَ كَلَامَهُ.
أَمَّا قَوْلُهُ: وَتَبْغُونَها عِوَجاً فَالْمُرَادُ إِلْقَاءُ الشُّكُوكِ وَالشُّبُهَاتِ وَالْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ شُعَيْبًا مَنَعَ الْقَوْمَ مِنْ أَنْ يَمْنَعُوا النَّاسَ مِنْ قَبُولِ الدِّينِ الْحَقِّ بِأَحَدِ هَذِهِ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ وَإِذَا تَأَمَّلْتَ عَلِمْتَ أَنَّ أَحَدًا لَا يُمْكِنُهُ مَنْعَ غَيْرِهِ مِنْ قَبُولِ مَذْهَبٍ أَوْ مَقَالَةٍ إِلَّا بِأَحَدِ هَذِهِ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ.
ثُمَّ قَالَ: وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنَّهُمْ إِذَا تَذَكَّرُوا كَثْرَةَ إِنْعَامِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يَحْمِلُهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْبُعْدِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهَذَا الْكَلَامُ يَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ كَثَّرَ عَدَدُكُمْ بَعْدَ الْقِلَّةِ وَكَثَّرَكُمْ بِالْغِنَى بَعْدَ الْفَقْرِ وَكَثَّرَكُمْ بِالْقُدْرَةِ بَعْدَ الضَّعْفِ وَوَجْهُ/ ذَلِكَ أَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا فُقَرَاءَ أَوْ ضُعَفَاءَ فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْقَلِيلِ فِي أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ مِنْ وُجُودِهِمْ قُوَّةٌ وَشَوْكَةٌ. فَأَمَّا تَكْثِيرُ عَدَدِهِمْ بَعْدَ الْقِلَّةِ فَهُوَ أَنَّ مَدْيَنَ بن ابراهيم تزوج رئيا بِنْتَ لُوطٍ فَوَلَدَتْ حَتَّى كَثُرَ عَدَدُهُمْ.
ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ وَالْمَعْنَى تَذَكَّرُوا عَاقِبَةَ الْمُفْسِدِينَ وَمَا لَحِقَهُمْ مِنَ الْخِزْيِ وَالنَّكَالِ لِيَصِيرَ ذَلِكَ زَاجِرًا لَكُمْ عَنِ الْعِصْيَانِ وَالْفَسَادِ فَقَوْلُهُ: وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنَّهُمْ إِذَا تَذَكَّرُوا نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْهِمُ انْقَادُوا وَأَطَاعُوا وَقَوْلُهُ: وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنَّهُمْ إِذَا عَرَفُوا أَنَّ عَاقِبَةَ الْمُفْسِدِينَ الْمُتَمَرِّدِينَ لَيْسَتْ إِلَّا الْخِزْيَ وَالنَّكَالَ احْتَرَزُوا عَنِ الْفَسَادِ وَالْعِصْيَانِ وَأَطَاعُوا فَكَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَيْنِ الْكَلَامَيْنِ حَمْلَهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ بِطَرِيقِ التَّرْغِيبِ أَوَّلًا وَالتَّرْهِيبِ ثَانِيًا.
ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ تَسْلِيَةُ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ وَزَجْرُ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَاصْبِرُوا تَهْدِيدٌ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا وَالْمُرَادُ إِعْلَاءُ دَرَجَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِظْهَارُ هَوَانِ الْكَافِرِينَ وَهَذِهِ الْحَالَةُ قَدْ تَظْهَرُ فِي الدُّنْيَا فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ فِي الدُّنْيَا فَلَا بُدَّ مِنْ ظُهُورِهَا فِي الْآخِرَةِ.
ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ يَعْنِي أَنَّهُ حَاكِمٌ مُنَزَّهٌ عَنِ الْجَوْرِ وَالْمَيْلِ وَالْحَيْفِ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَخُصَّ الْمُؤْمِنَ التَّقِيَّ بِالدَّرَجَاتِ الْعَالِيَةِ وَالْكَافِرَ الشَّقِيَّ بِأَنْوَاعِ الْعُقُوبَاتِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ [ص: 28] .

[سورة الأعراف (7) : الآيات 88 الى 89]
قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ (88) قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ (89)

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست